تصميم /لطيفه الكعبيه
يُعتبر الكتاب المدرسي المرجع الأساسي الذي يستخدمه الطالب في تحصيل المعرفة، واكتساب المهارات، والاتجاهات والقيم، إذ يشمل مجموعة المهارات التي يتضمنها المنهج المدرسي و التي تقدم للطالب في شكل مكتوب أو مرسوم أو مصور، وتسهم في جعله قادراً على بلوغ أهداف المنهج المحددة سلفاً (السيد علي،2009: 543) .
وتتميز الكتب المدرسية عن بقية الكتب الأخرى المتداولة بين الناس بكثرة عددها وسعة انتشارها، وهي أول ما يتعرف عليه المتعلم في حياته الدراسية، ولعل كِبَر حجم هذه الكتب المقررة، وكثرة عددها، وتضخم محتوياتها يدفع التربويين إلى إدخال تعديلات عليها بحيث تتناسب مع التقدم التكنولوجي وتحقق الأهداف التعليمية.
ولقد كان للتطور العلمي والتكنولوجي والذي صاحبه تطور في أجهزة الحاسوب المكتبية والمحمولة بالإضافة لظهور الحاسوب اللوحي والهواتف النقالة المتطورة والتي يمكن من خلالها عرض جميع أنواع الوسائط المتعددة الرقمية وبوضوحٍ عالٍ، وإمكانية ربط هذه الأجهزة بشبكة الإنترنت العالمية، الأثر الواضح في التحول من الكتاب الورقي إلى الكتاب الإلكتروني. وتُعد منافسة الكتاب الإلكتروني للكتاب الورقي المطبوع تعبيرا عن التطور الطبيعي للتكنولوجيا التي تجتاح العالم اليوم.
وفي هذا العصر الذي تسيطر فيه المستحدثات التكنولوجية و قنوات الاتصال الإلكترونية على جميع مناحي حياة البشر، هل يمكن للكتاب التقليدي المطبوع على الورق البقاء على هيئته الحالية في المدارس والمكتبات الجامعية؟ وهل يمكن أن تتغير طريقة الدراسة والقراءة إلى طريقة أكثر فاعلية وأكثر تفاعلية في ظل هذه المستحدثات التكنولوجية. (Lareau , 2001:13)
فالكتاب المحوسب يتضمن معلومات متاحة للطالب يتم عرضها بطريقة منظمة يمكن استثمارها في المواقف التعليمية، بحيث يجد الطالب تسجيلات صوتية وصوراً مرئية ثابتة ومتحركة ومشاهد فيديو وجداول ورموز ورسوم ذات أبعاد متعددة، كل ذلك في إطار نص يشتمل على معلومات يساعد الطلاب على اكتساب الخبرات، وهنا تتكامل هذه الوسائط جميعها أو معظمها مع بعضها البعض بواسطة الحاسب الآلي(الحاسوب) بنظام يكفل للطالب تحقيق الأهداف المرجوة من نظام التعليم بكفاءة وفاعلية (العلي، 2005: 136).
1- نشأة الكتاب المحوسب وتطوره :
تعود الجذور الأولى للكتاب المحوسب (الإلكتروني) إلى الثمانينيات من القرن الماضي بالتزامن مع انتشار الحواسيب وقدرتها الفائقة على تخزين النصوص العملاقة التي تتيح للجهاز الواحد احتواء آلاف العناوين وإمكانية نقلها على أسطوانات مدمجة لتصل إلى آلاف وربما ملايين القراء في مختلف أرجاء العالم عبر شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) في أقل وقت ممكن، حيث بدأ الكتاب الإلكتروني يشق طريقه بعد ذلك وينافس بقوة كوسيط لنقل المعارف البشرية (الكميشي، 1431ه).
و قد ذكر عزت (2012: 286) بأنه يعتقد أن (أندري فاندام Andree Van Dam ) هو أول من صاغ مصطلح (كتاب إلكتروني) منذ العام 1967م عندما قاد الفريق الذي قام بإنشاء أول نظام للنصوص المتشعبة (Hypertext System) وهو النظام الذي يعمل مع الحاسبات الكبيرة. وفي السبعينات استُخدم نظام آخر هو (نظام استرجاع وتحرير الملفات) من جانب الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية في جامعة (براون)، ويتسم هذا النظام بديناميكية التسلسل فيما يشبه تماماً “أجزاء الفصول في الكتاب”.
ويعتقد البعض أن اختراع الكتاب الإلكتروني يرجع إلى (مايكل هارت Michael Hart) وذلك في العام 1971م، حيث أطلق هارت مشروع جوتنبرج (Gutenberg Project) لتحويل كتب التراث إلى الشكل الإلكتروني.( شلبي،2009)
ومع الاختلاف في تحديد التاريخ الصحيح لاختراع الكتاب الإلكتروني، إلا أنه لا يزال حديثاً اذا ما تم مقارنة هذا التاريخ بتاريخ اختراع الكتاب الورقي منذ ما يزيد على أربعة قرون.
2- تعريف الكتاب الإلكتروني (المحوسب) :
عَرَّفَ لال (2011: 139) الكتاب الإلكتروني بأنه:
“برنامج يعتمد على النصوص المكتوبة، بالإضافة إلى مجموعة من العناصر والمثيرات المصورة والمرسومة والمتحركة، ويقدم هذا الكتاب الإلكتروني المحوسب عن طريق الشبكات، والأقراص المدمجة من خلال جهاز الحاسوب أو الهاتف المحمول”.
وعَرَّفَ نعيم (2011: 64) الكتاب الإلكتروني بأنه:
“رؤية جديدة للكتاب الورقي في صورة إلكترونية مع إضافة عناصر الوسائط المتعددة والنصوص الفائقة والبحث، وهو بهذا يجمع بين سمات الكتاب الورقي المطبوع و سمات الوسائط المتعددة مع دمج سمات النص الفائق بالإضافة إلى إمكانيات أخرى للبحث والتعامل مع المعلومات”.
أما بسيوني (2007/ب:9) فقد عَرَّفَ الكتاب الإلكتروني بأنه:
“مكافئ إلكتروني أو رقمي للكتاب التقليدي المطبوع على الورق، ويمكن قراءته على الحاسب أو أي جهاز محمول باليد”.
وقد عَرَّفَ مارشال وآخرون (Marshall, et al. 2001:41) الكتاب الإلكتروني بأنه:
” جهاز منفصل للقراءة يعتمد على مفهوم وشكل المستند الورقي التقليدي، ويعتمد على التفاعل بالقلم الرقمي، وهو يدعم الأنشطة البحثية من خلال استخدام الحواشي والتعليقات التي يضيفها القراء على الكتاب”.
بينما عَرَّفَ العلي (2005: 135) مفهوم الكتاب الإلكتروني بأنه:
“مصطلح يُستَخدَم لوصف نص مشابه للكتاب يُعرَض على شاشة الحاسب الآلي (الحاسوب) مرتبطاً ارتباطاً تكنولوجياً بالفيديو التفاعلي، ويتم استخدامه بإيجابية في نظام التعليم عن بعد، ويعتبر الكتاب الإلكتروني مصدراً من مصادر المعلومات الإلكترونية التي يمكن استثمارها في تنفيذ مناهج ومقررات التعليم عن بعد.
مما سبق يتضح أن:
· الكتاب الإلكتروني (المحوسب) يتكون من الوسائط المتعددة المتمثلة في النصوص والصور الثابتة والمتحركة و مقاطع الفيديو.
· الكتب المحوسبة منها ما هو تفاعلي، ومنها ما هو غير تفاعلي يقتصر على عرض المعلومات دون وجود أي تفاعل وبصورة مشابهة للكتاب الورقي التقليدي.
· لقراءة الكتاب الإلكتروني لا بد من استخدام جهاز الحاسوب المكتبي أو المحمول أو اللوحي، كما يمكن استخدام الهواتف المحمولة الحديثة.
· يمكن نشر الكتب الإلكترونية على شبكة الإنترنت مما يتيح سهولة تداولها وإمكانية استيراد الكتب الإلكترونية من الأماكن البعيدة.
· لا يشترط أن يكون للكتاب المحوسب نظير مطبوع على الورق.
ويُعَرِّف الباحث “الكتاب المحوسب” بأنه:
تحويل للكتاب الورقي المطبوع من صورته التقليدية إلى الصورة الإلكترونية، بحيث تتمتع صفحاته بوجود إمكانية التفاعل مع المادة التعليمية من خلال التحكم في محتويات الكتاب من نصوص وصور وأصوات ومقاطع فيديو، بما يتناسب مع قدرات المتعلم وإمكانياته.
وقد أورد عزت (2012: 291) عدة مسميات للكتاب المحوسب، منها:
– الكتاب المحوسب أو الحاسوبي (Computerized Book)
– الكتاب الرقمي (Digital Book)
– الكتاب ذو الوسائط المتعددة (Multimedia Book)
– الكتاب الهائل أو الممتد(Extended Book)
– الكتاب المنشور على الإنترنت (On Line Book)
– الكتاب الافتراضي (Virtual Book)
– الكتاب القابل للتحميل (Downloaded Book)
– الكتاب العنكبوتي(Web Book) & (Web- based Book)
و على الرغم من تعدد التسميات وكثرتها إلا أن التسمية الأكثر شيوعاً هي ” الكتاب الإلكتروني ” Electronic Book
أو E-Book.
3- أشكال الكتب الإلكترونية وطرق قراءتها:
تعمل جميع الكتب المحوسبة (الإلكترونية) بنفس الطريقة على الرغم من اختلاف المظهر والإمكانات، فهي تنجز باستخدام برامج الحاسوب أو المواقع المخصصة لذلك، ويتم تسويق أغلبيتها عن طريق الإنترنت من خلال متاجر الكتب الإلكترونية (بسيوني/ب،2007: 20).
ولقد ذَكَرَ بسيوني (2007/ب: 20) أشكال الكتب الإلكترونية (المحوسبة)، وهي:
أ- الكتب المحوسبة النصية:
يحتوي الكتاب المحوسب النصي على عدد كبير جداً من الكلمات التي تتجمع مع بعضها البعض لتكون فقرات هذا الكتاب، ولا يشترك مع النص أي نوع آخر من الوسائط المتعددة في مكونات الكتاب، وعلى الرغم من أن الكتاب يتكون من نص فقط إلا أنه يحتوي على فهارس تُسهِل الوصول إلى الموضوعات، كما يحتوي على محرك بحث يتم فيه البحث عن الموضوعات وفقاً للكلمات المفتاحية الدالة عليها.
ويمكن قراءة الكتاب النصي الإلكتروني باستخدام جهاز قارئ للكتب الإلكترونية (EBook Reader Device) والذي يعتبر في حد ذاته جهاز حاسوب محدد الغرض (Special Purpose computer).
ب- الكتب المحوسبة النصية المصورة:
يتكون الكتاب المحوسب النصي المصور من نص وصور ثابتة ورسوم تخطيطية وهذه المكونات جامدة وغير تفاعلية، ويتشابه الكتاب المحوسب النصي في مكوناته مع الكتاب الورقي التقليدي إلا أنه يتميز بوجود الفهارس وخدمة البحث.
ويمكن قراءة الكتاب المحوسب النصي المصور باستخدام جهاز الحاسوب المكتبي أو المحمول أو الهواتف الذكية… و يمكن قراءته كذلك باستخدام بعض أنواع أجهزة قراءة الكتب الإلكترونية السابقة.
ج- الكتب الإلكترونية التفاعلية:
يتكون الكتاب الإلكتروني التفاعلي من عدة صفحات مجسمة يمكن للطالب تقليبها واستعراضها بشكل يشبه الكتاب الورقي، وتحتوي كل صفحة على مجموعة من الوسائط المتعددة (نص، أصوات، صور و رسومات، مقاطع فيديو)، ويمكن للمتعلم التفاعل مع الوسائط المتعددة في كل صفحة من خلال مشاهدة عدد كبير من الصور ومقاطع الفيديو، والاستماع إلى الأصوات المخزنة المرتبطة بالموضوع، كما يمكن للمستخدم إضافة التعليقات والملاحظات على هوامش الكتاب التفاعلي المحوسب، وفي حال اتصال جهاز القراءة بشبكة الإنترنت، يستطيع المستخدم حل الواجبات المدرسية التي توجد في الكتاب اذا كان هذا الكتاب يستخدم في التعليم وتسليمها للمدرس عبر البريد الإلكتروني، ويستطيع مستخدم الكتاب التنقل بين الصفحات بشكل غير خطي (تفرعي) من خلال النقر على كلمة معينة أو جملة أو صورة أو أي عنصر موجود في صفحة الكتاب اذا كان عليه رمز الارتباط مع صفحات أخرى فينتقل إلى الصفحة المحددة.
ويمكن قراءة الكتاب التفاعلي المحوسب باستخدام أجهزة الحاسوب الشخصية pc-computers أو الحواسيب المحمولة Laptop أو الحواسيب اللوحية ويمكن استخدام بعض أجهزة الهواتف النقالة كذلك في قراءة الكتاب الإلكتروني التفاعلي.
ولقد حدد استيتة وسرحان (2008: 222) أهم ما يميز الكتاب التفاعلي المحوسب عن باقي أنواع الكتب الإلكترونية حيث يمكن من رؤية الصور والرسومات المتحركة التي يمكن أن تحدث أصواتاً وتتجاوب مع القارئ فيستجيب لهذا النوع من الكتب التي استخدمت فيها كل وسائل التعليم المرئية والمسموعة والمقروءة.
4- مميزات الكتاب الإلكتروني التفاعلي :
ذَكَرَ كل من شلبي (2009)، و العلي (2005: 137)، و بسيوني (2007/ب: 10-12)، و استيتة وسرحان (2008: 220-222)، والكميشي (1431ه) عدداً من مميزات الكتاب التفاعلي المحوسب، وهي:
· يقدم الكتاب التفاعلي المحوسب المعلومات بطريقة تشابه الواقع المحسوس المشاهد الذي يعيشه المتعلم حيث يتم تحويل المعلومات من الشكل المجرد النظري إلى الشكل الحي الواقعي.
· سهولة الوصول إلى محتوياته باستخدام الحاسوب المكتبي أو المحمول أو اللوحي، كما ويمكن قراءة محتويات الكتاب التفاعلي المحوسب بواسطة بعض أنواع الهواتف النقالة الحديثة.
· سهولة نقله وتحميله بين الأجهزة المتنوعة.
· يمكن أن يحتوي على وسائط متعددة (Multimedia) مثل الصور ومقاطع الفيديو والرسوم المتحركة و المؤثرات الصوتية المتنوعة وغيرها.
· إمكانية ربطه بالمراجع العلمية التي تؤخذ منها الاقتباسات حيث يمكن فتح المرجع الأصلي ومشاهدة الاقتباس كما كتبه المؤلف.
· استخدام الأقلام الإلكترونية وإمكانية التعليق النصي أثناء عرض الكتاب.
· إمكانية عرضه على الطلاب في قاعات الدراسة باستخدام جهاز عرض البيانات Data-show .
· الحفاظ على البيئة من خلال الحد من التلوث الناتج عن نفايات تصنيع الورق.
· توفير الحيز المكاني: حيث يمكن تخزين آلاف الكتب على جهاز حاسوب واحد.
· إمكانية إتاحة المعلومات السمعية من خلاله لفاقدي البصر.
· ضمان عدم نفاذ نسخ الكتاب من سوق النشر، فهي متاحة دائما على الإنترنت ويستطيع الفرد الحصول عليها في أي وقت.
· إتاحة الفرصة أمام المؤلف لنشر كتابه بنفسه إما بإرساله إلى الموقع الخاص بالناشر أو على موقعه الخاص.
· القدرة على تخطي الحواجز و الموانع و الحدود والتعقيدات التي يصادفها الكتاب الورقي وتمنع انتشاره، بالإضافة إلى سرعة توزيع الكتاب الإلكتروني مقارنة بالكتاب المطبوع.
· الكتاب الإلكتروني يتيح التفاعل المباشر بين الكاتب والقارئ.
· إمكانية تصحيح الأخطاء لحظة اكتشافها في الكتاب الإلكتروني.
· سرعة تحديث معلومات الكتاب الإلكتروني وإعلام القارئ بها فورا.
· التوزيع العالمي للكتاب الإلكتروني دون الحاجة للبحث في حقوق الطبع والتوزيع بكل دولة.
· انخفاض تكاليف نشر الكتاب الإلكتروني مقارنة بالكتاب المطبوع لعدم وجود تكاليف طباعة أوراق، ولعدم وجود الوسطاء التجاريين الذين يأخذون الأرباح والتي تكون على حساب القارئ.
المراجع :
– استيتة، دلال وسرحان، عمر(2008). “التجديدات التربوية”. الطبعة الأولى، عمان: دار وائل للطباعة والنشر.
– بسيوني، عبد الحميد (2007/ب). “الكتاب الإلكتروني”. الطبعة الأولى، القاهرة: دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع.
– بسيوني، عبد الحميد(2007/أ). “التعليم الإلكتروني والتعليم الجوال”. الطبعة الأولى، القاهرة: دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع.
– السيد علي، محمد (2009). “تنظيم محتوى الكتب المدرسية من منظور التعليم الإلكتروني”، المؤتمر العلمي الثالث عشر، الجمعية المصرية للتربية العلمية.
– شلبي، مجدي(2009). “الكتاب الإلكتروني بين المزايا والعيوب”. روجع بتاريخ 7 إبريل 2013م من خلال الرابط: http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2009/03/23/160209.html
– عزت، محمد فريد (2012). “نشأة الكتاب الإلكتروني وتطوره، ومميزاته، وسلبياته”. مجلة التربية 2012، ص ص 271-314.
– العلي، أحمد عبدالله (2005). “التعليم عن بعد ومستقبل التربية في الوطن العربي”. الطبعة الأولي، القاهرة: دار الكتاب الحديث.
– الكميشي، لطفية (1431ه).”الكتاب الإلكتروني”. مجلة المعلوماتية، العدد الثاني والثلاثون. روجعَ بتاريخ 6ابريل2013 من خلال الرابط: http://www.informatics.gov.sa/articles.php?artid=209
– لال، زكريا بن يحيى (2011). “التكنولوجيا الحديثة في تعليم الفائقين عقلياً”. الطبعة الأولى، القاهرة: عالم الكتاب.
– نعيم، محمد (2011). “الكتاب الإلكتروني المفهوم والمزايا